«جسور بوست» تناقش أسباب ومخاطر ارتفاع نسب الولادة القيصرية عالمياً
«جسور بوست» تناقش أسباب ومخاطر ارتفاع نسب الولادة القيصرية عالمياً
"لا شيء يمكنه تغيير نمط الحياة أكثر من إنجاب طفل"، حين بروز الكاتب الأمريكي نيكولاس سباركس في ستينيات القرن الماضي فلسفته عن إنجاب الأطفال في تلك الجملة، لم يقصد بها تغيير النمط المعروف لولادة هذا الطفل ولادة طبيعية واستبدالها بأخرى تقتضي شق أسفل بطن السيدات بمشرط طبي، طريقة أكثر خطورة على الأم والمولود، وأعلى ربحًا للطبيب والمستشفى.
الأمر تخطى كونه مشكلة تعانيها دول العالم الثالث، يستغل فيها القوي بعلمه الضعيف باحتياجه لطبيب، بل تطور ليمثل ظاهرة عالمية، فقد ارتفعت معدلات الولادة القيصرية حول العالم من 7% خلال عام 1990 إلى 21% عام 2021، وهو ما يعني أن 1 من كل 5 أطفال حول العالم يولد عبر جراحة قيصرية.
وتحتل مصر المرتبة الرابعة عالميا في عدد الولادات القيصرية بحسب منظمة الصحة العالمية.
ووفقًا لأحدث مسح لمنظمة الصحة العالمية، فإن الدول الخمس الأعلى من ناحية معدلات الولادة القيصرية هي: الدومنيكان بنسبة 58.1%، والبرازيل بنسبة 55.7% وقبرص بنسبة 55.3% ومصر بنسبة 51.8%، تليها تركيا بنسبة 50.8%.
ويتفق هذا المسح تقريبا مع النسب التي أعلنت عنها وزارة الصحة المصرية في المسح الصحي الأخير خلال عام 2014.
وأشار مسح لوزارة الصحة إلى أن نسبة الولادة القيصرية في مصر بلغت 50% تقريبًا، وهو ما يعنى أن 5 من كل 10 سيدات مصريات يلدن عبر جراحة قيصرية، ويحقق الأطباء أرباحا اقتصادية من جراء تشجيع ملايين النساء حول العالم على الولادة القيصرية دون حاجة طبية ملحة للخضوع لها.
وأوردت تقارير صحفية أن سبب ارتفاع نسب الولادة القيصرية إلى أنها أغلى ثمنا كعملية، كما أنها توفر وقتا للطبيب ليتمكن من إجراء المزيد من العمليات في اليوم الواحد، كذلك تحقق ربحا للمستشفى التي تجرى فيها العملية وهو ما يمكن ملاحظته من تباين معدلات الولادة القيصرية بين المستشفيات العامة والخاصة.
وبحسب الجمعية المصرية لأطباء النساء تستغل المستشفيات الخاصة ارتفاع تكلفة الولادة القيصرية مقارنة بالولادة الطبيعية حيث تصل معدلات الولادة القيصرية فيها إلى 80%، في حين لا تتجاوز نسبة 40% في المستشفيات الجامعية.
وبحسب منظمة الصحة العالمية، من متوقع أن تصل نسبة الولادة القيصرية حول العالم بحلول عام 2030 إلى الثلث أي ما يعادل 29% من بين كل الولادات حول العالم.
وهذه النسبة تعنى أنه في عام 2030، ستجرى 38 مليون حالة ولادة قيصرية حول العالم، معظمها سيكون في الدول الأفقر، وسيكون لمنطقة شمال إفريقيا بما فيها مصر النصيب الأكبر من هذه النسبة، إذ يتوقع أن تبلغ نسبة الولادة القيصرية في هذه المنطقة 48% بحلول عام 2030، بعد شرق آسيا وأمريكا اللاتينية وغرب أسيا.
"جسور بوست" استطلعت آراء حالات ولدت ولادة قيصرية، وأطباء عن السبب والخطورة.
استغلال وخداع
لا يكاد يخلو محيطك من تجارب لسيدات ولدن ولادة قيصرية كان من الممكن أن يلدن بشكل طبيعي، من تلك التجارب ما حكته أميرة كمال عن تجربتها فتقول: "إن ما يحدث مهزلة بكل المقاييس، لقد أنجبت 3 أبناء بشكل طبيعي، وكنت قد اكتفيت إلا أن القدر كان له رأي آخر فحملت في الطفل الرابع، ومنذ الشهر الثاني أعطتني الطبيبة أدوية اكتشفت أنها لتثبيت الحمل، رغم أنه لم يكن هناك داع لذلك، فلم أشتكِ من شيء ولم يكن الطفل معرضًا للإجهاض، وظللت أتابعها طوال فترة الحمل حتى جاءت الولادة وأخبرتني أنها ستكون قيصريًا.
وهنا كانت الصدمة، لماذا وكيف لقد وضعت جميع أبنائي بشكل طبيعي، لم أستجب لها وأخذني زوجي إلى طبيب آخر، وبعد الاطّلاع على ما كانت تعطيه لي الطبيبة الأولى من أدوية، أخبرني أنه للأسف سيضطر إلى عمل عملية قيصري، لأن تلك الأدوية كانت تثبت وضع الجنين داخل الرحم بشكل معين بحيث كانت رأسه أسفل الثديين والأقدام أسفل البطن، على عكس الوضع الطبيعي للجنين، مما يعني موته وموتي حال الإصرار على ولادة طبيعية".
وتستكمل: "لقد كان حملًا صعبًا جدًا قضيت الأشهر الأخيرة منه وأنا أنام على الكرسي بسبب وضع الجنين المقلوب، لم أكن أستطيع التنفس وأنا مستلقية على ظهري، فكنت أضطر للنوم على كرسي، كل هذا حتى تستطيع الطبيبة تحصيل أجر أعلى".
لا للقيصري ولكل شيء أسبابه
قال أستاذ أمراض النساء والتوليد وعلاج العقم وجراحة المناظير وأطفال الأنابيب جامعة عين شمس، أحمد خيري مقلد: "إن أسباب الولادة القيصرية تتعدد، منها ما يكون بسبب المجتمع حالة المرأة، ومنها بسبب الأطباء، فأسلوب الحياة الذي تعيشه المرأة يتحكم في طريقة وضعها، النظام الغذائي الذي تتبعه المرأة والراحة وعدم ممارسة الرياضة أو القليل منها مجرد رياضة المشي لم يعد موجودًا، الوضع المجتمعي للأطباء وما يحدث من مشاكل محتملة بنسب توجد في كل المجتمعات.
في مصر لا نقبل تلك المشاكل، بخلاف أن الطب يمارس في الدول الغربية من خلال الجماعات والمستشفيات وفيها يكون الطبيب محميا من خلال ذلك الكيان، بخلاف الطبيب المصري الذي لا يشعر أن لديه غطاء مجتمعيا أو طبيا يحميه حال وقوع مشكلة فيلجأ للأسلم، حيث يعمل بشكل خاص أحيانًا ويهدد في مهنته بل ويسجن حال حدوث مشكلة محتملة من المشاكل المصاحبة للولادة عادة بنسبة، فيمكن للمريضة بتدوينة على (السوشيال ميديا) أن تنهي حياة الطبيب المهنية".
وتابع: "الطبيعي هو الأفضل، ولا أشجع على الولادة القيصري، ولكل شيء مميزات وإيجابيات، القيصري ليس لها تأثير على ممارسة العلاقة الزوجية بعد الولادة، أو التحكم في البول، فقد يتأثر مع تكرار الولادة الطبيعية، ومن عيوب القيصري فتح بطن المريضة، كما أن الولادة الطبيعية المرة الثانية فيها أسهل من المرة الأولى، بخلاف القيصري كل مرة نفس المجهود والتعب".